العيد.. فرصة للدعوة إلى الله! فأين المشمرون؟!/ الزبير الغزي

العيد.. فرصة للدعوة إلى الله!
فأين المشمرون؟!

بالرغم من التحفظات على بعض ما عند إخواننا جماعة التبليغ؛ إلا أننا نُقِرُّ بأنها أوْفرُ الجماعات حظا من علو الهمة في الحركة الواسعة الدَّءوب، ولهم في ذلك إنجازات رائعة أثمرت إسلامَ كثير من المشركين وهداية كثير من الفاسقين، وتبليغ دين الله في آفاق المعمورة.
حكى من شَهِدَ مجلسا لهم قال: جلسنا يوما في المسجد للتعارف، فقام شيخٌ وَقور يعرِّف نفسه، وقد جاوز السبعين من عمره: اسمي الحاج وحيد الدين، أعمل في التجارة، وعمري الآن تسع سنوات، فاستغربْنا، وقلنا في دَهْشَة: تسع سنوات؟! قال: نعم، لأنني أعتبر عمري ضائعا .. وكان هذا الرجل إذا وَعَظ قال: لا تضيّعوا أعماركم مثلي، واشتغلوا بالدعوة إلى الله تعالى.
وقد حدث أن سألنا أميرَهم: لماذا تذهبون إلى المقاهي لدعوة الناس؟
قال: أرأيتم إن كان عندكم مريض ماذا تفعلون له؟ قلنا: إن كان مرضُه ثقيلا نُحضر له الطبيب في المنزل، وأما إذا كان مرضه خفيفا فإنه يذهب بنفسه إلى الطبيب. قال: فكذلك الذين لم يعرفوا طريق المسجد، مرضهم الإيماني ثقيل، فنحن نذهب إليهم.
وسمعت بعض مشايخهم يروي موقفا تعرض له، إذْ خرج للدعوة في حانة خمر في مدينة أوروبية، واسْتَهْدَفَ رجلا مسلما كان يُجالس امرأة وهو يشرب الخمر، فوعظه ونصحه وذكّره بالله، حتى لان قلبه ودمعت عيناه، فأخذ بذراعه ليقوده إلى المسجد، وأخذت المرأة بذراعه الآخر تنازعه فيه ، وكانت الغَلَبَةُ له بعد تَجَاذُب شديد من الطرفين، وأتى به إلى المسجد وعلّمه كيف يتطهر ويصلي ثم تاب وحَسُنَت توبته.
وهم يجتهدون في ابتكار الحِيَل الخيرية لجذْب الناس إلى الدين، كذلك التبليغي الذي أراد دعوة طبيب مشهور، فدفع قيمة الفَحْص، ولما جاءت نوبته دخل عليه، فتهيأ الطبيب لفحصه، فإذا به يخبره أنه ليس بمريض، وإنما رَغِب أن يذكّره الله، وينصحه في الدين، وراح يفعل ذلك، حتى رقّ قلب الطبيب، وتأثر بموعظته، وأراد أن يرد عليه قيمة الكشف، فأبى قائلا: هذه قيمة ما استغرقته من وقتك.
ومن ذلك أنه لما صَعَّد الإنسان إلى القمر، قال أحدهم: ولو صَعَّد الناس إلى القمر، وتحول بعض منهم عن الأرض لَنُرْسِلَنَّ وراءهم قافلة تخرج في سبيل الله، وتَصَّعَّد إلى القمر لتدعوَهم.
يقول الأستاذ الراشد حفظه الله: حركة التبليغ أجادت غرس الثقة في دعاتها، وبخطبة واحدة يتعلمونها يجوبون الآفاق ويواجهون المجتمع، وآخرون يأمرون وإخوانهم بضمّ الرأس، ويقولون لفتى الصحوة: أنت في خندق، احْترِسْ وأَتْقِن الاخْتباء!!.

📝 مقتطف من كتاب:
علو الهمة – للمقدم

 

Exit mobile version