الأستاذ: خالد شاكر
قبل ثلاثين سنة كان الشيخ سلمان العودة يطوف أرجاء جزيرة العرب محذرا من خضراء الدمن ويقصد بها صحيفة الشرق الأوسط، لما فيها من أباطيل ولما تروجه من فساد.
كان الفساد الإعلامي يومها يقوم على تلك الصحيفة، ومجلة سيدتي، وإذاعة مونت كارلو ولندن على المذياع، وما شابه ذلك، فلم تكن هناك يومها صفحات إنترنت ولا مواقع تواصل اجتماعي ولا هواتف محمولة ولا قنوات فضائية سوى القنوات المحلية، وكان الإعلام الإسلامي المضاد للإعلام التغريبي يقوم على وسائل مشابهة، مثل صحيفة المسلمون ومجلة المجتمع وإذاعة القرآن الكريم..
ولكن الملاحظ أن الفساد وكذا الإصلاح الذي ترتب على تلك الحرب الإعلامية يومها فيه شبه من الفساد وكذا الإصلاح الذي يترتب اليوم على الحرب الإعلامية في زمن الإنترنت والهاتف المحمول، وهو كذلك شبيه بالفساد والإصلاح الذي ترتب على وسائل الإعلام قبل سبعين سنة أو مائة؛ فهناك من انحرف بسبب ذلك الإعلام إلى أقصى درجات الانحراف، وهناك من ارتقى بسببه في درجات الصلاح، وهناك من هو متذبذب بين الفريقين.
وسبب ذلك أن للنفس استعدادا لفعل الخير أو الشر بناء على التزامها وتربيتها وبيئتها..، وتلك الوسائل الإعلامية تعمل مع تلك النفس فتأخذ بيد أناس للشر وبيد آخرين للخير، فالمسألة ليست مجرد تطور وسيلة إعلامية بل هي مرتبطة بالمتلقي كذلك، تماما مثل أنواع الطعام التي تتطور من جيل لجيل وحقيقتها هو مجرد اختلاف مظهر، ولكن لكل صنف من الطعام زمانه.
وهذا يدلنا على أن الحرب الإعلامية مع أهميتها إلا أنه لا ينبغي الغلو في تقدير درجتها وتأثيرها؛ فمن ينحرف اليوم بسبب مواقع فاحشة كان ينحرف قديما بقراءة ألف ليلة وليلة، ومن يرتفع إيمانه اليوم بسبب مواقع إسلامية كان يرتفع إيمانه أمس بقراءة رياض الصالحين.
وإذا كنا في حرب الأعداء بالسلاح والسنان مأمورين بتفويض الأمر لله جل وعلا والتوكل عليه سبحانه، فإن الأمر كذلك في الحرب الإعلامية، فنحن مأمورون بإتقانها ولكن دون أن تتعلق قلوبنا بعدد المشاهدات وكمية التعليقات وما شابه ذلك.
إن نظرة سريعة في الإعلام المعاصر خاصة في الشبكة العنكبوتية يجد مجهودا كبيرا مباركا في خدمة الإسلام ونشر علومه والدفاع عن مقدساته، بل ويجد تأثيرا للعمل الجهادي على مستوى الأمة يؤدي لنفير مسلمين للجهاد وينشر الخوف في قلوب أعداء الإسلام، وهذا الأثر الجميل هو بركة وضعها الله جل وعلا في جهود المخلصين، الذين كان شعارهم: (وَمَا عَلَيْنَا إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ).
نعم إن البلاغ المبين هو المهمة المناطة بطلائع الأمة وهو غاية وسائلهم التي يتخذونها، وإدراك هذه الحقيقة -في واقع تضخ فيه الدول ميزانيات فلكية على وسائل الإعلام- يصبرهم في طريقهم ويطرد شبح اليأس عن مخيلتهم، ويدفعهم لاختيار صحيح الوسائل لتحقيق نبيل الغايات.
إن قوة الحق التي يحملها الإعلام الإسلامي تغنيه عن تزيينه بالشهوات المحرمة وعن جذب الناس بغير ما أباحته الشريعة، فإن الداعية مهما تنازل وخلط حقه بشهوات جاذبة محرمة فإنها لا تساوي شيئا أمام الشهوات التي يقدمها الإعلام الفاسد، فهل سنجاريهم إلى قاع الانحطاط؟!
إن قوة الحق هي التي تجذب المتلقي بما يخاطب روحه وينير عقله، وقوة الحق تلك أقوى من مدنهم الإعلامية وجيوشهم الإلكترونية وإنفاقاتهم الدعائية.
* فسيروا على بركة الله أيها الغيورون تبلغون الإسلام وتصدون هجمات الشرك في هذه الحرب الإعلامية التي أجلب فيها العدو بخيلهم ورجلهم، يريدون أن يطفؤوا نور الله بأفواههم، ولكن هيهات هيهات يأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون.
لمتابعة مقالات العدد السابع عشر ربيع الأول 1442هجرية
– هكذا نصروه – التحرير
الركن الدعوي
-الشهوة أصل الشبهة – الشيخ أبو اليقظان محمد ناجي
– عقائد النصيرية 10 – الشيح محمد سمير
– أحكام الجهاد مع الإمام الفاجر – الشيخ أبو شعيب طلحة المسير
– ويمشي في الأسواق – الشيخ همام أبو عبد الله
– حب النبي صلى الله عليه وسلم – الشيخ أبو حمزة الكردي
صدى إدلب
– إدلب في شهر صفر 1442هـ – أبو جلال الحموي
– لقطة شاشة – أبو محمد الجنوبي
– مواقيت الصلاة في إدلب لشهر ربيع الأول 1442هـ – رابطة العالم الإسلامي
كتابات فكرية
– آفة الاستعجال – د. أبو عبد الله الشامي
– المعاركُ الجَّانبيةُ ومرارةُ الخُذلان – الأستاذ أبو يحيى الشامي
– أفغانستان جراح وآمال – إحسان الله (أنس الأفغاني)
– الحق أقوى من إعلامهم – الأستاذ خالد شاكر
ركن المرأة
– طريق الهداية الأستاذة – نسمة القطان
الواحة الأدبية
– بين الإيمان والحب – الأستاذ غياث الحلبي
لتحميل نسخة من المجلة BDF اضغط هنا
لمتابعة قناة مؤسسة بلاغ الإعلامية على التليجرام تابع