جمع وترتيب الشيخ: رامز أبو المجد الشامي
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.. وبعد:
* قال الله تعالى: (يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللهُ غَفُورًا رَحِيمًا) [سورة الأحزاب : 59].
* الحجاب الشرعي هو أمرٌ من أوامر الله تعبد الله به نساء المسلمين، ولا يجوز لهن بحال أن يخرجن عن مراد الله سبحانه، ولا تخرج عن مراد الله إلا من ضَعُفَ دينها، والله جل جلاله تعبد النساء بأوامر خاصة بهن كما تعبد الرجال بأوامر خاصة بهم، ولقد وصف الله عباده المؤمنين بأنهم منقادون له بقوله: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا) [سورة الأحزاب : 36].
* عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «صِنْفَانِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَمْ أَرَهُمَا، قَوْمٌ مَعَهُمْ سِيَاطٌ كَأَذْنَابِ الْبَقَرِ يَضْرِبُونَ بِهَا النَّاسَ، وَنِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ مُمِيلَاتٌ مَائِلَاتٌ، رُءُوسُهُنَّ كَأَسْنِمَةِ الْبُخْتِ الْمَائِلَةِ، لَا يَدْخُلْنَ الْجَنَّةَ، وَلَا يَجِدْنَ رِيحَهَا، وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ كَذَا وَكَذَا»؛ رواه مسلم.
* طهارة للقلوب:
والله سبحانه أمر أطهر الخلق في هذه الأمة بعد نبيها صلى الله عليه وسلم، أعني الصحابة الكرام رضي الله عنهم وأرضاهم إذا سألوا نساء النبي صلى الله عليه وسلم متاعاً أن يسألوهن من وراء حجاب، والعلة في ذلك أن السؤال من وراء حجاب أطهر للقلوب وأنفع.
والسائل هم الصحابة واللاتي سَيُسأَلن هنّ أمهات المؤمنين زوجات النبي صلى الله عليه وسلم، وما عرفت الأمة أطهر من قلوبهم بعد النبي صلى الله عليه وسلم، فكان من باب أولى وأوجب على كل رجال المسلمين إذا أرادوا أن يسألوا امرأة أجنبية لا تحل لهم أن يسألوها من وراء حجاب وذلك لسلامة قلوبهم.
* إذا صلح أركان البيت صلحت نساؤه وبناته:
من النادر جداً أن تجد بيتاً من بيوت المسلمين، الوالد يكون من أهل الصلاح، والوالدة تكون من أهل التقى، والأبناء يكونون من أهل الدين والحشمة، ثم تخرج بنت أو شابة من ذلك البيت على غير استقامة.
ذكر تعالى قول أهل مريم: (يَاأُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا) [سورة مريم : 28]، فأخوها ذو صلاح وأبوها ليس برجل سوء وأمها ليست من أهل البغي؛ لذلك استنكر قومها قدومها مع ولدها عيسى عليه السلام، فقالوا لها (يَاأُخْتَ هَارُونَ)… الآية.
* المسلم مأمور بمحاربة الجوع ومأمور بمحاربة العري والتبرج:
قال تعالى: (إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى) [سورة طه : 118]، فالجوع من الآفات التي تبطش بالمجتمعات، وكذلك فإن العري والسفور والتبرج من المهلكات للمجتمعات.
* وما ظهر العري والاختلاط والسفور في جيل من الأجيال إلا وظهر الزنى والفاحشة في الجيل الذي يليه وهذا مجرب معلوم:
قال تعالى: (وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ) [سورة الأعراف : 28] فالآباء إذا كانوا دعاة سفور واختلاط سهلوا أبواب الزنى والفاحشة لأولادهم والعياذ بالله.
* لا يحارب الحجاب الشرعي واللباس الشرعي إلا منافق معلوم النفاق:
بعد أن أمر الله رسوله وأتباعه أن يأمروا النساء بالحجاب والستر ذكر الله المنافقين مباشرة، قال تعالى: (يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللهُ غَفُورًا رَحِيمًا * لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا) [سورة الأحزاب : 59 – 60]، وهذا يدل على أن الحجاب لا يحاربه إلا المنافقون، لنعلم أن دعاة التحرر والاختلاط والسفور أهل فسق ونفاق لا يحبون الإسلام وأهله ويعملون على أن تخرج المرأة من حشمتها لما يشتهون ويريدون.
* قصص من سير المسلمات العفيفات المتمسكات بالحجاب:
– هذه فاطمة الزهراء رضي الله عنها وأرضاها، لما مرضت مرض الوفاة أصابها هم وغم، فقالت لأسماء بنت عميس رضي الله عنها: “يا أسماء إني قد استقبحت ما يصنع بالنساء، إنه يطرح على المرأة الثوب فيصفها، فقالت أسماء: يا بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا أريك شيئا رأيته بأرض الحبشة، فدعت بجرائد رطبة فحنتها، ثم طرحت عليها ثوبا، فقالت فاطمة رضي الله عنها: ما أحسن هذا وأجمله يعرف به الرجل من المرأة” رواه البيهقي..، إنها تبحث عن سترها بعد موتها فأين نساء المسلمين منها؟!!
– وهذه صحابية رضي الله عنها تصبر على الصرع ولكنها لا تصبر على التكشف غير الإرادي عند الصرع، فعن عطاء بن أبي رباح، أن ابن عباس رضي الله عنهما، قال له: «ألا أريك امرأة من أهل الجنة؟ قال: بلى، قال: هذه المرأة السوداء، أتت النبي صلى الله عليه وسلم، قالت: إني أصرع وإني أتكشف، فادع الله لي، قال: إن شئت صبرت ولك الجنة، وإن شئت دعوت الله أن يعافيك، قالت: أصبر، قالت: فإني أتكشف فادع الله أن لا أتكشف، فدعا لها» متفق عليه.
– وهذه حفصة بنت سيرين رحمها الله لما بلغت من العمر عتيا، قال عاصم الأحول: “كنا ندخل على حفصة بنت سيرين، وقد جعلت الجلباب هكذا، وتنقبت به، فنقول لها: رحمك الله، قال الله تعالى: (وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ) [سورة النور : 60]، هو الجلباب، قال: فتقول لنا: أي شيء بعد ذلك؟ فنقول: (وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ) فتقول: هو إثبات الجلباب”.
* نصيحة إليك أيها الشاب:
أيها الشاب وأنت تسير في طريقك سترى صنفين من النساء:
الصنف الأول: كابنة الرجل الصالح لما أقبلت إلى موسى عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام، فجاءته إحداهما تمشي على استحياء.
استحياء في مشيها واستحياء في كلامها واستحياء غطاها كلها، فإذا وقعت عينك على هذه الصنف فاحمد الله وادع لهن بالثبات، وانصح نساء بيتك أن يكن كهذه.
والصنف الثاني: سترى نساء يمشين في الطريق ولسان حالهن كأنهن يقلن: هيت لك..، خرجت للطريق تظهر زينتها وتضرب الأرض برجلها واستشرفها الشيطان، لتغويك وتغريك وتغوي غيرك من الشباب، فإذا وقعت عينك عليها فاصرف نظرك مباشرة، ولا تتبع النظرة النظرة، فإنها من سهام إبليس المسمومة، واستعذ بالله واحذر أن تخرج النساء من بيتك كهذه، والعياذ بالله.
* ولا يختلف عاقلان أن صلاح المرأة يعني صلاح بيتها وصلاح أمتها وصلاح الجيل كله، وأن فسادها مقدمة لفساد الجميع، والسعيد من عصمه الله من الفتن.
* اللهم أصلح نساءنا ونساء المسلمين عامة، اللهم زينهن بالعفاف والحياء والحجاب والحشمة، اللهم أعذهن من أن يَفتن أو يُفتن، يا ذا العطاء والمن، جنبهن الفواحش والفتن ما ظهر منها وما بطن.. آمين.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، والحمد لله رب العالمين.