الاستثمار المحلي للتخبط العالمي – كلمة التحرير – مجلة بلاغ العدد ٣٠

مجلة بلاغ العدد ٣٠ - ربيع الثاني ١٤٤٣ هـ⁩

كلمة التحرير

إن نظرة متأملة في المشهد العالمي تلحظ بشدة تغيرا في هيمنة النظام العالمي على الأحداث، واضطرابا وتخبطا في موازين القوى العالمية والإقليمية والمحلية، وهو تغير تبدو آثاره في: انقلابات عسكرية، وصراعات داخلية، وتوترات حدودية، وتهديدات دولية، وتفكك تحالفات، وقيام تكتلات، واندحار قوى احتلال..

انقلاب في السودان، وتوسع لنطاق الحرب الأهلية في أثيوبيا، وانتصار لطالبان، وتمدد للمشروع الصفوي في اليمن ولبنان، وتوترات بين تركيا واليونان، وروسيا وأوكرانيا، وفرنسا وأمريكا، والصين وتايوان..

تقارب النظام النصيري مع بعض الأنظمة العربية، وموت سريري لقانون قيصر، ومفاوضات سعودية إيرانية، ومشاورات أمريكية تركية روسية مستمرة حول الشمال السوري.

 

خلاصة هذه المشاهد تؤكد لنا أنه يمكن استعادة قوة الحراك المحلي وعنفوان الثورة السورية لو حصل استغلال لهذا التخبط العالمي في اتخاذ خطوات تفك الأغلال الدولية الراهنة للثورة في سوق المساومات والمفاوضات العالمية، لتكون مصلحة الجهاد الشامي والثورة السورية هي الأولوية.

إن الأجواء الإقليمية والعالمية قد تشير إلى ضعف موقف عدد من الدول المحسوبة في خانة داعمي الثورة أو تغير في سياستها؛ نتيجة ظروف داخلية أو إقليمية أو عالمية، وهي دول تقوم منظومتها في المجمل على الارتباط بالنظام العالمي، وهذا الارتباط يجعل تحركها مقيدا بأطر ذاك النظام العالمي، وهذا شيء مضر بالساحة بل ومضر بتلك الدول كذلك، ولكم تتمنى دول لمصالح تخصها ولحسابات موازين القوى التي تراها أن تنهض أمم وتنتفض شعوب وتنتصر ثورات ولكن دون أن تكون تلك الدول متصدرة المشهد متحملة أعباء تلك الأحداث.

انظر اليوم إلى أفغانستان كم هي الدول التي فرحت لانتصار الطالبان واستغلته دون أن يكون لهم في الحقيقة شرف مساعدة المجاهدين، ولو كانت طالبان ربطت مصيرها وحراكها بقوة تلك الدول وحراكها لما أنجزت ما أنجزته اليوم.

إن المشهد العالمي اليوم هو:

– مشهد تنمر وتمرد عدد من القوى المحلية الفاعلة في عدد من الدول.

– ومشهد انكفاء عدد من القوى العالمية الكبرى عن التدخل المباشر في الصراعات المحلية.

– ومشهد استغلال عدد من الدول لانتصارات القوى المحلية في تعزيز موقعها الدولي.

 

* وهذا يعني أن القوى المحلية التي ستتمكن في سوريا من التحرك باستقلالية قرار دون ارتهان للمعادلات الدولية يمكنها أن تحقق إنجازا ميدانيا كبيرا يعزز موقفها وموقف الدول التي تتمنى لها الخير، وأما القوى المحلية التي ستظل مرهونة لأوامر داعميها فستكون محط المؤامرات والتفاهمات التي لا يخفى أنها تسير في إطار حل سياسي أقصى أمانيه تعديل سلوك النظام النصيري المجرم.

* أيها المجاهد في سبيل الله:

لا تنتظر أن يحرر غيرُك أرضَك، ولا أن يحمي عَداك عِرضَك، ولا أن يفك سواك أسراك؛ فاستثمر تخبط العالم في تحقيق أهدافك وتغيير الواقع.

إن تحرير النفس من قيود الوهم والهوى التي تحول بينها وبين المبادرة ستجعل المتآمرين والمتخاذلين والأستانيين والروس وغيرهم..، عاجزين بإذن الله عن وقف مدد الحق الذي قرر الانطلاق لكسر شوكة الاحتلال الروسي الغاشم.

لتحميل نسختك من العدد 30 من مجلة بلاغ اضغط هنا 

لقراءة باقي المقالات اضغط هنا  

Exit mobile version