مقابلة خاصة مع الشيخ أبي محمد الصادق بمناسبة ذكرى الثورة السورية الـ13 والحراك الشعبي الجديد

الشيخ: أبو محمد الصادق

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم، أما بعد؛

ما هي أسباب الحراك الشعبي اليوم؟ وهل هذه الأسباب تكفي ليخرج الناس بمظاهرات ضد أبي محمد الجولاني أو غيره؟

الأسباب متعددة أهمها انتشار المظالم والقبضة الأمنية والتضييق على الناس في معاشهم بالإضافة إلى القضية الأخيرة (أعني قضية العملاء/الأبرياء) التي أفقدت الثقة بأداء الذين أمسكوا بزمام الأمور في إدلب، فبعدما اتهموا العدد الكبير من العسكريين وغيرهم بالعمالة وأصدروا البيانات الرسمية التي تؤكد ذلك، والتأكيدات كانت تصدر ابتداءً من رأس الهرم إلى قنوات الرديف عندهم حتى عملوا إصدارات لبيان خطرهم، ثم فجأة: أصبح عملاء الأمس أبرياء اليوم.

لست هاهنا في معرض اتهام بريء ولا تبرئة متهم لكنني أقول من السذاجة قبول تقزيم “قضية العملاء / الأبرياء” التي حصلت في إدلب ولفلفتها على النحو الذي انتشر لا سيما بعد الاضطراب الظاهر في التعاطي مع القضية وبعد الفاجعة الكبرى التي رأيناها من صور التعذيب في المعتقلات التي ما تذكرنا إلا بمعتقلات النظام المجرم، والأدهى من ذلك كله صور التعذيب حتى الموت كما انتشر عن عبد القادر الحكيم تقبله الله، هذا ما انتشر والله أعلم بما خفي، فقضيةٌ بهذا الحجم لا تخص فصيلاً بعينه بل هي قضية كل الثورة ومازال الناس يريدون معرفة الحقيقة من جهة محايدة يثقون بها ومن أجل ذلك انتشرت الدعوات إلى تحقيق وقضاء مستقل لتظهر البراءة بالبراهين الناصحة وتبنى الاتهامات على الأدلة القاطعة، فمن حق كل رجال المحرر الذين أصبحت قلوبهم مضطربة أن يطلعوا على تفاصيل القضية من خلال جهة يثقون بها وتطمئن نفوسهم إليها، فالقضية تعنيهم في أمنهم وأمن أبناءهم وأعراضهم فمن الطبيعي جدًا حيال ما سبق ذكره أن يفقد الناس الثقة وتنفجر المظاهرات، فالذين خاضوا ثورة كرامة لن يقبلوا بذل أو استكانة.

ما حكم الشرع في المطالب التي يطالب الناس بتحقيقها؟

لا أجد في مطالب المتظاهرين مخالفات شرعية، بل هي مطالب محقة يجب الاستجابة لها، فالناس تطالب برفع الظلم ويسردون مظالمهم وديننا حرم الظلم كما ورد في الحديث القدسي فيما يرويه نبينا صلى الله عليه وسلم عن رب العزة: (يا عبادي إنِّي حرَّمتُ الظلمَ على نفسي وجعلتُه بينكم محرَّمًا، فلا تظَّالموا)، والمتظاهرون يطالبون برفع القبضة الأمنية عنهم فلا يُعقل أن يُعتقل المرء لأجل التعبير عن رأيه، ويطالبون بشورى حقيقية ويطالبون بمجلس لقيادة المحرر يختارون قائدًا لهم ضمن ضوابط ناظمة تضمن عدم الاستبداد والتفرد، وكل ذلك مطالب شرعية محقة.

هل للمظاهرات مستند شرعي ما دور العلماء فيه؟

 

تعتبر المظاهرات بشكل عام من طرق التعبير عن الرأي عند العجز عن تحقيق المطالب المشروعة، فصوت الفرد قد لا يسمع، بخلاف صوت الجماعة فهو أدعى للسماع، فالمظاهرات تندرج تحت أصول شرعية متعددة فهي وسائل من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر المقررة في ديننا وتندرج أيضاً تحت قاعدة المصالح المرسلة التي لم يرد من الشرع دليل باعتبارها ولا بإلغائها، ومعلوم أنها من أصول الاستدلال التي توسع فيها المالكية والحنابلة بل استدل بها جمهور الفقهاء ضمن ضوابط متعددة تُراجع في مظانها من كتب الأصول، وكذلك تندرج المظاهرات في باب الوسائل وهو باب واسع لم تقيده الشريعة وإنما وضعت لها ضوابط فالوسائل لها حكم المقاصد.

ولا يخرج دور العلماء في المظاهرات عما هو مناط بهم في الشريعة الإسلامية بشكل عام من بيان الحق ونصرة المظلوم

 

ما رأيكم في الطروح التي طرحت للحل وخاصة مبادرة الكرامة التي صدرت عن كوادر في الساحة؟

الذي أراه أن للمظاهرات في إدلب طابع سلمي، وقد أبدى المتظاهرون وعياً من خلال سلوكهم ومطالبهم، فالملاحظ أن المتظاهرين لم يطالبوا بإسقاط مؤسسات “الإنقاذ” وإنما إصلاحها، ولم يطالبوا بتفكيك الهيئة وإنما بتنحي قيادتها، ولم يقوموا بأعمال تخريب، وأن مطالبهم شرعية بل هي من حقوق كل شخص في المحرر.

وتعتبر مبادرة الكرامة بشكل عام أشمل المبادرات وأقربها إلى تطلعات المتظاهرين فمطالب المتظاهرين واضحة محقة لا ينبغي الالتفاف عليها.

هل ترى بالفعل هناك أيدي ومآرب خارجية تحرك الساحة في الداخل أم أن الحراك شعبي ثوري توعوي بامتياز؟

 

لم ألاحظ أي دور خارجي متعلق بالمظاهرات فحركتها داخلية محضة نشأت من تراكم المظالم والمطالبة بالمعتقلين وفقدان الثقة بمن نصبوا أنفسهم قادة للمحرر لاسيما بعد القضية الأخيرة (قضية العملاء/ الأبرياء) وما كشفته من التعذيب المروع في السجون الأمنية ومنه التعذيب حتى الموت.

برأيك هل تنحي أبو محمد الجولاني عن الحكم يعني سقوط المؤسسات والحكومة وخسارة مناطق وعموم الفوضى أم أن الساحة وما وصلت إليه من تطور لا يتعلق بشخص؟

 كنت سابقاً أقول: إن من علامات نجاح الجماعات في مراحل التغيير هو انتقالها من مفهوم الجماعة إلى مفهوم المجتمع. وحالياً أقول: إن من علامات فشل الجماعات في مراحل التغيير هو ربط المجتمع بمصير جماعة أو شخص بعينه.

لذا لا يصح ربط المؤسسات والحكومة وخسارة مناطق بشخص واحد أيًا كان، والذي أراه أن تنحي أبو محمد الجولاني بطريقة سلسلة مرنة سيكون له دور أكبر في الحفاظ على المكتسبات والمؤسسات وسيكون له دور أكبر في إحلال الأمن في المجتمع فالمؤسسات العامة ملك للمجتمع وبنيت على اكتاف كوادر المجتمع.

أما عن خسارة المناطق فوجود أبو محمد الجولاني لم يمنع سقوط المناطق من قبل بل منذ تأسيس الهيئة إلى الآن لم يتحرر شبر واحد من المناطق بل كان عهدها عهد تراجع وخسارة للمناطق للأسف، فلا أظن أن تنحيه سيجلب خسارة أكثر بل ربما تكون بداية لإعداد حقيقي واسترداد للمناطق والله أعلم وأحكم.

في حال تنحي أبو محمد الجولاني من سيكون البديل؟

لا ينبغي أن يكون البديل شخصاً بعينه بل ينبغي أن يكون البديل مجلساً قيادياً للمحرر يضم المطاعين بين الناس وأصحاب الكفاءات الإدارية والشرعية والعسكرية، وهذا المجلس يختار من يقودهم ضمن ضوابط تمنع تسلط الفرد الواحد في مصير المجتمع وتضمن عدم العودة إلى الاستبداد. فالمجلس القيادي يضع الخطوط العامة للقائد والضوابط الناظمة لعمله وله صلاحية عزل القائد وتعيينه حينها سينتفي تسلط الفرد الواحد في مصير المجتمع

ماذا توجه كلمة للمتظاهرين؟

الذي أريده من المتظاهرين عموماً أن يحافظوا على سلمية مظاهراتهم وأن يحافظوا على انضباط حراكهم وهتافاتهم ومطالبهم، وألا ينجروا وراء من يفكر بإشاعة الفوضى بينهم أو في عموم المحرر. 

 

ماذا توجه كلمة للجولاني؟

أقوله له باختصار: ارحم نفسك أولاً، وارحم الناس، وخلي بينهم وبين من يختارونه.

لتحميل نسخة من الملف اضغط هنا 

مقابلة_خاصة_مع_الشيخ_أبي_محمد_الصادق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى