الخوف من الله مفهومه وثمراته – الركن الدعوي – مجلة بلاغ العدد ٤٩ – ذو القعدة ١٤٤٤ هـ

جمع وترتيب الشيخ: رامز أبو المجد الشامي

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.. وبعد:

* قال تعالى: (فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) [سورة آل عمران: الآية 175].

* وقال تعالى: (فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ) [سورة المائدة: الآية 44].

* وقال تعالى: (إِنَّمَا يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ) [سورة فاطر: الآية 28].

* وقال تعالى: (وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ) [سورة الرحمن: الآية 46].

* وقال تعالى: (وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى) [سورة النازعات: الآيتان 40 – 41].

* وجاء في السّنة الغراء والأحاديث الصحيحة أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «وَاللهِ، إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَخْشَاكُمْ لِلَّهِ، وَأَعْلَمَكُمْ بِمَا أَتَّقِي» رواه مسلم.

* وقال صلى الله عليه وسلم: «وَاللهِ إِنِّي لَأَخْشَاكُمْ لِلَّهِ وَأَتْقَاكُمْ لَهُ» رواه البخاري.

* والله تبارك وتعالى وصف الأنبياء وخوْفهم من الله، فقال: (يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ) [سورة النحل: الآية 50].

* ووصف الأنبياء والمرسلين فقال عنهم: (الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللهَ) [سورة الأحزاب: الآية 39].

– الخوف من الله من صفات المؤمنين ومن سمات المتقين وسبيل لمن ابتغى النجاة في الآخرة.

– وإذا سكن الخوف من الله في القلب أحرق مواطن الشهوات ومواضع الشبهات فيه، وطرد حبّ الدنيا عنه، وكلّ قلب ليس فيه الخوف من الله فهو قلب خَرِب.

– وإذا نُزِعَ الخوف من القلب خاض الإنسان بالمعاصي والشهوات والحرام والكبائر وما انتفع لا بأمر بمعروف ولا نهي عن منكر.

* إنّ كتاب الله مليء بالآيات القرآنية التي يخوّف الله بها عباده، قال تعالى: (وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلَى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلَا شَفِيعٌ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ) [سورة الأنعام: الآية 51].

والله تعالى جعل الكون مليء بالآيات التي يخوّف الله بها عباده من الزلازل والبراكين والأعاصير والفيضانات والرعد والبرق وغيرها، قال تعالى: (وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا) [سورة الإسراء: الآية 59].

* ثمرات الخوف من الله تعالى:

إنّ للخوف من الله ثمرات كثيرة؛ منها على سبيل المثال لا الحصر:

١ – أنه من أسباب التمكين في الأرض وزيادة الإيمان، قال تعالى: (وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِهِمْ ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ) [سورة إبراهيم: الآية 14].

٢ – الخوف من الله يبعث على العمل الصالح، قال تعالى: (إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا * إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا) [سورة الإنسان: الآيتان 9 – 10].

٣ – والخائف من الله يستظلّ بظلّ عرش الرحمن، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث السبعة…: «ورجلٌ ذكر الله خالياً ففاضت عيناه» متفق عليه.

٤ – والخوف من الله في الدنيا سبب للأمن يوم القيامة، ففي الحديث القدسي يقول ربنا: «وَعِزَّتِي لاَ أَجْمَعُ عَلَى عَبْدِي خَوْفَيْنِ وَأَمْنَيْنِ، إِذَا خَافَنِي فِي الدُّنْيَا أَمَّنْتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَإِذَا أَمِنَنِي فِي الدُّنْيَا أَخَفْتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» رواه ابن حبان.

٥ – ومن أهم ثمرات الخوف من الله تعالى أنه سبب لدخول الجنة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ خَافَ أَدْلَجَ، وَمَنْ أَدْلَجَ بَلَغَ الْمَنْزِلَ، أَلاَ إِنَّ سِلْعَةَ اللهِ غَالِيَةٌ، أَلاَ إِنَّ سِلْعَةَ اللهِ الجَنَّةُ» رواه الترمذي.

* حالنا مع الخوف من الله تعالى:

– إنّ الخوف من الله تعالى أصل كل خير ومنبعه، والخوف من الله شجرة طيبة إذا ضربت جذورها في أعماق القلوب استقامت الجوارح على ما يحبّه الله ويرضاه.

– لو أنّ الآباء والأمهات خافوا الله في أولادهم لرأوا قرة عين لهم في الدنيا والآخرة بإذن الله.

– ولو أنّ المعلمين والمعلمات خافوا الله في طلابنا لرأينا مجتمعاً متقدماً مزدهراً في كل المجالات.

– ولو أنّ العلماء والخطباء والدعاة خافوا الله في العهد الذي أخذه عليهم من قول الحق والوقوف في وجه أهل الباطل لاستقام الناس على أمر الله على مراد الله سبحانه.

– ولو أنّ القضاة والمحامين خافوا الله فيما أوكل إليهم من قضايا لانتشر العدل بيننا وأخذ كلّ ذي حقّ حقه.

– ولو أنّ الأغنياء والتجار خافوا الله في أموالهم وأدّوا حقها لقضيت كثير من حوائج الفقراء والمساكين والمحتاجين واليتامى والأيامى وغيرهم.

– ولو أنّ المجاهدين والمقاتلين خافوا الله وما أطاعوا أمراءهم في معصية الخالق لحقنت الدماء وطُفئت شرارة الاقتتال الحزبي.

– ولو أنّ الأمراء والقادة خافوا الله في العباد والبلاد لفتحوا المعارك وتابعوا الجهاد وما استكانوا إلى الكافرين وغيرهم حتى يكرمنا ربنا بإحدى الحسنيين.

* إنّ الخوف من الله تعالى يخرّج لنا جيلا لا يخاف أحداً غير الله، ولا يعتدي على أحد من خلق الله، ويخافه كل خلق الله.

* إنّ مجتمعنا بحاجة إلى خوف كبير من الله وتوبة عامة بين يدي الله، عسى الله أن يرزقنا الأمن في الآخرة والعافية في الدنيا.

* اللهم إنا نسألك خشيتك في السرّ والعلن والرضى والغضب، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. 

Exit mobile version